ارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى أسبوعي جديد مقابل الدولار الأمريكي يوم الخميس، مستجيبًا بشكل إيجابي لصدور البيانات الاقتصادية الأخيرة في المملكة المتحدة. جاءت معظم مكونات التقرير في "المنطقة الخضراء". ويقوم زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي حاليًا باختبار مستوى 1.25. بالإضافة إلى ذلك، فإن معنويات السوق تفضل المشترين، مما يعكس زيادة في الشهية للأصول الخطرة. ونتيجة لذلك، يتعرض الدولار الأمريكي كملاذ آمن للضغط، مما يسمح للجنيه بالوصول إلى هذا الارتفاع المحلي.

وفقًا لأحدث التقارير، نما الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة بنسبة 0.4% على أساس شهري في ديسمبر - وهو أقوى نتيجة منذ مايو من العام الماضي - بينما كان معظم المحللين يتوقعون زيادة متواضعة بنسبة 0.1%. وعلى أساس ربع سنوي، دخل الناتج المحلي الإجمالي أيضًا المنطقة الخضراء، حيث ارتفع بنسبة 0.1% في ديسمبر، خلافًا للتوقعات بانخفاض بنسبة 0.2%.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات أن الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي في الربع الرابع، متجاوزًا التوقعات بانكماش بنسبة 0.1%. وعلى أساس سنوي، توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4%، متجاوزًا التوقعات الإجماعية بنمو بنسبة 1.1%. ومن الجدير بالذكر أن المؤشر قد زاد الآن لأربعة أرباع متتالية، مما يعني أن الاقتصاد البريطاني، وإن كان ببطء، قد توسع طوال عام 2024. وسجل الربع الرابع أقوى نمو للناتج المحلي الإجمالي منذ الربع الثالث من عام 2022.

كما أن مؤشرات الاقتصاد الكلي الأخرى كانت إيجابية. ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.5% على أساس شهري في ديسمبر، منتعشًا من انخفاض مماثل بنسبة 0.5% في نوفمبر، بينما كان المحللون يتوقعون زيادة بنسبة 0.2% فقط. وزاد إنتاج التصنيع بنسبة 0.7% على أساس شهري، مسجلًا أول عودة إلى المنطقة الإيجابية منذ أغسطس من العام الماضي. للمقارنة، في سبتمبر، كان هذا المؤشر عند -1.0%. كما زاد إنتاج البناء بنسبة 1.5% على أساس سنوي في ديسمبر.

نقطة أخرى مهمة يجب ملاحظتها هي أن مؤشر نشاط الخدمات أظهر نموًا في ديسمبر. على أساس ربع سنوي، وصل هذا المؤشر إلى 0.2% بعد أن شهد شهرين من الركود عند مستوى الصفر. شهريًا، ارتفع مؤشر الخدمات إلى 0.4%، مسجلًا أعلى قيمة لهذا المؤشر منذ مارس 2024. ومن الجدير بالذكر أن التضخم في قطاع الخدمات يمثل مصدر قلق كبير لبنك إنجلترا، لذا فإن النمو في النشاط التجاري في هذا المجال قد وفر دعمًا إضافيًا للعملة البريطانية.

تشير التقارير البريطانية إلى أن خطر الركود التضخمي قد انخفض. وهذا يشير إلى أن بنك إنجلترا قد يكون قادرًا على تخفيف سياسته النقدية بشكل تدريجي أكثر، مما يسمح بفترات توقف أطول بين جولات خفض أسعار الفائدة.

بشكل عام، فإن الإصدار يوم الخميس كان بالتأكيد إيجابيًا للعملة البريطانية. بالإضافة إلى ذلك، تم دعم الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي من خلال شعور أوسع بالمخاطرة في الأسواق العالمية.

على الرغم من مكاسب الجنيه، تجاهل المتداولون تمامًا عدة عوامل أساسية تفضل الدولار الأمريكي. على سبيل المثال، أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين يوم الأربعاء ارتفاعًا للشهر الرابع على التوالي في التضخم الأمريكي. تسارع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي إلى 3.0% على أساس سنوي في يناير، بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي إلى 3.3% على أساس سنوي، وكلاهما تجاوز التوقعات.

يوم الخميس، عكس مؤشر آخر رئيسي للتضخم، وهو مؤشر أسعار المنتجين (PPI)، أيضًا تسارع التضخم في الولايات المتحدة. ارتفع مؤشر أسعار المنتجين الرئيسي إلى 3.5% - وهو أعلى معدل نمو منذ مارس 2023 - مسجلًا زيادته الشهرية الرابعة على التوالي. على الرغم من أن مؤشر أسعار المنتجين الأساسي انخفض قليلاً إلى 3.6% (من 3.7%)، إلا أنه لا يزال قريبًا من أعلى مستوياته في عدة أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، تجاهل المتداولون تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأخيرة. حيث تحدث أمام مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء ومرة أخرى أمام مجلس النواب يوم الخميس، وأكد باول أن الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لتخفيف السياسة النقدية. ومن المهم أن هذه التعليقات جاءت بعد إصدار بيانات قوية لمؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر أسعار المنتجين. أقر باول بأن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بعيدًا عن تحقيق هدفه في التضخم، مما يعني أن السياسة التقييدية ستستمر إلى أجل غير مسمى.

بعد إصدار تقارير التضخم وخطابات باول في الكونغرس، زادت ثقة السوق بشأن قرار الاحتياطي الفيدرالي بالحفاظ على أسعار الفائدة في اجتماعاته المقبلة في مارس ومايو. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت احتمالية تبني نهج الانتظار والترقب في اجتماع يونيو إلى 65%.

نظرًا لهذا الخلفية الأساسية المتناقضة، تبدو أي قرارات تداول لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي محفوفة بالمخاطر. لم يأخذ السوق في الاعتبار بشكل كامل الأحداث الأمريكية الأخيرة، مما يجعل من الصعب توقع زيادة سعرية متسقة في هذا الوقت. لذلك، يُنصح بالبقاء خارج السوق.